أطروحة دكتوراه تكشف أسباب قصور مناهج الفقهاء في معالجة مسائل السياسة للباحث اليمني عبدالغني الفقيه
الباحث اليمني عبدالغني سلطان الفقيه

الساعة 08:31 مساءاً (يمن ميديا)

في سياق إعادة الاعتبار للكنوز الفقهية في علم المقاصد والسياسة الشرعية و معالجة أسباب تراجع العقلية الفقهية الاجتهادية  في الفقه السياسي الإسلامي وتبين علاقة ذلك بتدهور الاجتماع السياسي الإسلامي؛ ناقش الباحث عبدالغني سلطان الفقيه أطروحة دكتوراه نوعية في جامعة القرويين - مؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط موسومة بـ " استثمار كلي المصلحة وتطبيقاته عند إمام الحرمين الجويني - مسائل الإيالة أنموذجاً" وحصل الباحث على الدكتوراه بامتياز مع التوصية بنشر الرسالة.
وهدفت الدراسة إلى تتبع أثر مفهوم "كلي المصلحة" وتطبيقاته في مسائل الإيالة(الفقه السياسي)، وضوابطِ استثماره في تدبير النوازل الفقهية، وتوضيح الفروق المنهجية بين التنزيل المصلحي في إطار الفقه العام والفقه السياسي، وعلاقة تحقيق المناط بكلي المصلحة. وابرزت الدراسة  إسهامات الجويني في تجديد البحث في مسائل فقه السياسة الشرعية، بالوقوف على معالم منهجه، ومسوغات نقده لكل من كتب قبله في هذا المجال.
وتمتاز هذه الدراسة بتصديها لإبراز مفاهيم علمية ظلت ضامرة في كتب الفقه لقرون عديدة لأسباب سعت هذه الدراسة إلى إبرازها من خلال اجتهادات إمام الحرمين الجويني؛ و عرضها لكلي المصلحة كأحد أبرز جوانب التشريع في الفقه السياسي الإسلامي.
   وتوصلت الدراسة إلى أن أرفع قانون علمي تصدى له الجويني وهو يؤسس لمشروعه التجديدي في الإيالة والفقه؛ هو ابتغاء النظر الكلي المبني على المصلحة وذلك من خلال ربطه بين مباحث الفقه ومتطلبات الواقع السياسي؛ فقد كان يجدد في الفقه والسياسة بنظرة فاحصة لأزمات الأمة الحضارية والسياسية والفقهية، التي تمثلت في تدهور وتقهقر الخلافة العباسية، والتي ساعد عليها تراجع العقل الاجتهادي لدى كثير من الفقهاء والأصوليين أمام سلطة الحاكم في الإفتاء وركونهم للتقليد في التأليف... 
 ويؤكد الباحث أن هذا الواقع السياسي وما شاكله كان كافيا لتحريك ذهنية البناء العلمي الجديد لدى إمام الحرمين. فكان أنسب قناة وجد فيها ملاَذه هي المصلحة بوصفها قانونا كليا صالحا للمناقشة، ولاحتضان ما لا ينتهي من الاجتهادات، سيما وأنها الداعمُ المبدئي الحقيقي للفقه السياسي على مر التاريخ.
وقد انتهى الباحث  إلى جملة من النتائج والتوصيات، أبرزها:
-  تفريق الجويني بين مجالين للمصلحة؛ مجال يُوسِّع فيه من دائرة الاستصلاح حينما يتعلق الأمر بمعايش الخلق، والمجال الآخر يُضيِّق فيه، وذلك حينما يتعلق الأمر بالمصالح الناشئة عن أصل الشرع.
- تفريقه بين ما هو مبدئي وما هو ظرفي في مسائل السياسة، وهو منهج أدى غيابه عن إدراك بعض المتأخرين اليوم إلى اتهام الفقهاء بالتنازل عن صفات الحزم في بعض قضايا الإيالة ومسائلها؛ التي نجد فيها للعلماء تقريرات قد تُوهِم من قصُر فهمه عن إدراك هذا المنهج بتقصير الفقهاء، وتساهلهم مع خلفاء وسلاطين عصرهم.
- مراجعاته لاجتهادات الفقهاء؛ التي انبنت في الأصل على أعراف وظروف وتقديرات مصلحية، كانت في حينها وجيهةً وبسبب تجدد الوقائع ولأحداث، رأى أنها قد صارت متجاوزةً بسبب تَغَيُّر أسبابها وموجباتها الظرفية. 
محاولته الإسهام في مشروع إصلاح الحكم الإسلامي، وإعادة بناء شرعيته بإخراجه من الاستثناء إلى القاعدة؛ بمعنى إخراجه من القهر والتغلب واللاشرعية إلى الاختيار والرضا والشورى والشرعية.

وتكمن أهمية هذه الأطروحة بالإضافة إلى موضوعها تمحورها حول شخصية علمية جديرة فذة فإمام الحرمين الإمام الجويني من العقليات الفقهية المجددة والعميقة والقادرة على الإبداع والإضافة المعرفية المتميزة وقد وصف الجويني نفسه هذه المنهجية الراسخة والشجاعة التي لا تتوقف عند استهلاك أقوال السابقين في قوله" لست أحاذر إثبات حكم لم يدونه الفقهاء ولم يتعرض له العلماء فإن معظم مضمون هذا الكتاب لا يلقى مدونا في كتاب ولا مضمنا لباب".

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر