بلال الطيب
بلال الطيب
لبوزة.. ثائر أشعل ثورة
الساعة 05:12 صباحاً

من الوهلة الأولى لاندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962م، هب أبناء ردفان كغيرهم لمساندتها، كـان الثائر راجح بن غالب لبوزة في الصفـوف الأولى للمواجهة، وبقرار اتُخذه أحرار الجنوب من صنعاء، اشتعلت جبال ردفـان بالمقاومة، فكانت تلك الثورة نواة الكفـاح المُسلح، والقاصمة التي أجبـرت المُحتل على المُغادرة.
تعود المُقدمات النضالية للثائر لبوزة إلى العام 1942م، نجح ومجموعة من بني عمومته بالهجوم على ثكنة عسكرية في جبل الحمراء، تمكن من القضاء عليها، ذاع حينها صيته، وصار الجمَّال النحيل الذي أمتهن جلب الحبوب من الضالع وقعطبة بطلاً لا يشق له غبار.
استغل لبوزة الخلاف بين الانجليز والإمام أحمد، وتوجه ومعه أفراد من قبيلته (آل قطيب) إلى السخنة لمقابلة الأخير 1956م، حظي وأصحابه بدعم محدود، ليقوم الانجليز بعد عودتهم بقصف قراهم، تصدى الثوار ببنادقهم الألمانية للطائرات الانجليزية، وأسقطوا اثنتين.
أواخر مارس من العام 1963م، هبَّ أكثر من 300 مُقاتل ردفاني لمساندة الثورة السبتمبرية على مجموعتين، كان قتالهم في جبال حجة مُشرفاً، وفي قريتي الوعيل ومفتاح سجلت المجموعة التي قادها لبوزة أروع انتصاراتها، شهداء وجرحى كُثر سقطوا، ليعودوا بعد ثلاثة أشهر إلى صنعاء، بعد أن أعلن من هناك عن تأسيس (الجبهة القومية لتحرير الجنوب).
أصدرت ذات الجبهة بيانها التحرري، كان لبوزة من جملة الموقعين عليه، التقى بعدها وأصحابه بالرئيس عبدالله السلال وقحطان الشعبي، وتم الاتفاق على فتح جبهة في ردفان على أن يتولى هو قيادتها.
عاد الثوار إلى ردفان نهاية أغسطس 1963م، وحين علم ني ميلن الضابط السياسي بذلك، أرسل إلى لبوزة ومجموعته، وطلب منهم تسليم أنفسهم، وأسلحتهم، ودفع 500 شلن غرامة على كل فرد، كضمانة لعدم عودتهم إلى الشمال، رد الأخير عليه برسالة قوية أرفقها بطلقة رصاص.
لبوزة الثائر الأمي الذي لا يجيد الكتابة إلا بلغة البندقية، أملى لكاتب رسالته عبارات مُختزلة، خالية من مفردات المهادنة، قال فيها: «لم نعترف بكم ولا بحكومة الاتحاد المزيفة، وإن حكومتنا هي حكومة الجمهورية العربية اليمنية، ونحذركم من اختراق حدودنا».
استشاط الضابط الانجليزي غضباً، تقدم في اليوم التالي صوب ردفان، فما كان من الثوار إلا أن تمترسوا فوق جبل البدوي المُطل على الحبيلين، لتدور في صبيحة يوم الاثنين 14 أكتوبر 1963م مواجهات عنيفة بين الطرفين، انتهت قبل أن ينتصف ذلك النهار بسقوط لبوزة شهيداً، عن 64 عاماً، متأثراً بشظايا قذيفة مدفعية.
أذاعت إذاعتا صنعاء وصوت العرب النبأ الفاجعة، وفوق قبر الشهيد تعاهد الثوار على مواصلة المشوار، اختاروا ولده بليل قائداً لهم، وجعلوا من وادي دبسان مسقط رأسه مقراً لعملياتهم.
مثلت لحظة استشهاد لبوزة بداية حقيقية لمرحلة الكفاح المسلح، جميع الكيانات الجنوبية المسلحة اعتبرتها كذلك، فيما أصدرت (الجبهة القومية) بيانا حماسيا جاء فيه: «ونعاهد راجح بن غالب أن نخوض المعركة حتى النصر، مهما كانت التضحيات»، وهو ما كان.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر