أنيس ياسين
أنيس ياسين
دِين أيلول وأوثان السلالة
الساعة 12:24 صباحاً

منذ ٧ سنوات، تسيطر السلالة الهاشمية المحتلة، على صنعاء ومنطقة واسعة من وسط وشمال وغرب البلاد يقطنها ما بين ٦٥ – ٧٠% من سكان اليمن..
تضم المناطق المحتلة أكثر من 8 آلاف مدرسة و٦ جامعات حكومية بما فيها جامعة صنعاء، كبرى الجامعات اليمنية، ونحو ٢٠ جامعة خاصة، فضلا عن المعاهد الحكومية والأهلية، في مختلف القرى والمدن وتضم أكثر من ٣،٥ مليون طالب وطالبة ويعمل فيها نحو ٢٠٠ ألف معلمين وأكاديميين وإداريين.
هذا الأسطول الضخم من المؤسسات ومعه ملايين اليمنيين أطفالًا وشبابًا، ذكورًا وإناثًا، وكادر تعليمي وإداري، يقع تحت تصرف عصابة سلالية إيديولوجية غازية منفلتة رعناء عنصرية سادية متجردة من كل القيم ومتمردة على كل القيود القانونية والأخلاقية، يحركها الحقد والكراهية، تعيش على التجهيل والدجل وتتغذى على الحروب والدماء، وفوق هذا تضع نفسها والبلاد تحت التصرف الكامل لملالي طهران راعية الإرهاب والتخلف والعنف وصاحبة الأطماع الاستعمارية والعدائية تجاه اليمن والبلاد العربية.
استمرار بقاء اليمن في قبضة الاحتلال العلوي الفارسي له تداعيات ومآلات مرعبة، لا تحتمل وقوف اليمنيين أمامها موقف المتفرج أو المراقب، ولا يكفي الكلام والنواح ولا الانتظار لنصحو على جيل أشبه بقطيع يسوقه الاحتلال ويحركه حيث وكيف، ومتى شاء، فيقضي على اليمن ويحوله إلى مزرعة خصبة للإرهاب والتطرف يهدد به أمن المنطقة والعالم.
الاحتلال الحوثي الإيراني (العلوي الفارسي) يهدد هُويّة اليمنيين وسلمهم وأمنهم، ويستهدف جيلًا بأكمله ليجعل منه عبدًا وخادمًا لسلالة "أبي لهب" وملاليها في طهران، من خلال عملية تطييف وعسكرة قطاع التعليم وتجريف ومسخ الهوية اليمنية القومية لصالح هوية مذهبية سلالية، والعمل فيها يجري بشكل مخطط وممنهج وبدأب وهمّة لا يكلّ منها هذا العدو الذي عرفناه وخبرناه جيدًا، وهو يسير في مخططه بوتيرة متصاعدة يسابق فيها الزمن ويستثمر بقاءه بفاعلية. 
بالمقابل لا نجدُ إلا اللامبالاة واللاشعور من طرف  قيادات البلد الغارقة في النوم والمصالح الشخصية ومشاريع الإثراء، والعيش في بالوعات الأحقاد والخلافات ومستنقع الصراعات وأقفاص العمالة والارتزاق ودهاليز المؤامرات وشبكات الخيانات إمعانًا في تمزيق وتفكيك الصف الجمهوري، وهي لم تبدع في شيء كما أبدعت في التفريط والخذلانات والتفريط بدولة وجمهورية وشعب، فلم تجلب لنفسها غير العار، ولشعبها غير الذلّ والهوان!!
لقد فرّطت القيادة اليمنية ونخبها وأحزابها وأصحاب القرار فيها، بالحاضر والماضي وبمكتسبات الجمهورية حين سلموا صنعاء للسلالة على طبق من خيانة، وخان اليمنيون -أو فرطوا- دماء وتضحيات ونضالات أولئك الأبطال العظام الذين سطروا الملاحم وحققوا النصر ذات أيلول عظيم قبل نصف قرن حين أشرقت الأرض بنور دمائهم الزكية فاستعاد الشعب حريته وكرامته وأعلن جمهوريته وعاد الحق لأهله..
ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، قُدْس أقداس اليمنيين. كانت، فكان الميلاد، وكان الضوء وكانت الحياة.
لقد فرّطنا بأيلولِنا العظيم الذي أخرجنا من عبادة سلالة بني هاشم، آل بيت الدجل والوثنية، إلى عبادة رحمن السماوات ربّ العباد، ومن جور وبغي  الكهنوت إلى عدالة الحق والحرية والجمهورية، ومن ظلمات الجهل والتخلف إلى رحاب العلم والنور. ولقد صدق ابن اليمن الحر - سليل نشوان الحميري المكرب السبئي الجمهوري "غائب حوّاس" حين قال ذات بثٍّ مباشر له من صفحته على فيسبوك إن "الإسلام لم يدخل اليمنَ إلا يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م". 
نعم؛ فما وصل لليمنيين قبل ذلك وحملته إليهم (عترة) البؤس والرجس، كان وثنيّة قريش وشركها، بثوب الإسلام الذي ما إن أشرقت أنواره هناك على قريش، حتى فرّت سلالة أبي لهب بوثنيتها إلى اليمن وطبرستان وأقاصي البلاد الإسلامية.. إنها وثنيّة "الولاية" و"الحق الإلهي" المزعوم، فكان "آل البيت / سلالة البطنين/ العترة المقدسة" هم الأوثان عوضـًا عن الأحجار والتماثيل التي كانت تعبدها قريش.
تدعي سلالة الدجل والكهانة أنها جاءت اليمن تنشر دين (العائلة) وتهدي الناس إليه، والحق أن دين الإسلام الذي أرسل الله به محمدًا، لم ينتظره اليمانّيون ليأتيَ إليهم، بل هم من ذهب إليه، فمن اليمانيين من كان قد سبقه في الوصول بزمن، هناك في يثرب فما إن ظهر حتى كانوا للدّين والنبيّ المأوى والنصير بعد أن آذاه آله وعترته وهجّروه قسريّا من أرضه، وأما من بقي من اليمنيين في اليمن فما إن حلّ الرسول بيثرب حتى توافدوا عليه أفواجًا مبايعين ومجددين إيمانهم بالله رحمن السماوات الذي كانوا قد عرفوه وآمنوا به من قبل رسالة محمد.
وأما ما جاءت به السلالة إلينا بعد ذلك، فلم يكن الدّين الذي جاء به محمّد عليه الصلاة والسلام، بل الجاهلية التي لم تتطهر منها قلوب سواد الناس من قريش حتى أن معظمهم كانوا من أواخر من أسلم اضطرارا. 
إن كان هذا ما حدث بالفعل، فما حاجة اليمانيين إلى هارب مستجيرٍ، أجاروه وأكرموه لأنهم أهل كرم ونجدة وشهامة وخلق وصدق، فقال لهم كونوا عبادًا لي ولذريتي؟
هكذا دخلت جاهلية قريش اليمن وظهرت فيه الوثنية لأول مرة، ولم يكن اليمنيون قد عرفوها قبل ذلك، فوقعت الكارثة وحلّت اللعنة وتسيّد الباطل واستفحل الجهل والشعوذة والخرافة باسم العترة والدين، حتى جاءت الثورة المباركة في 26 سبتمبر/ أيلول 1962م فجاء الحق وزهق الباطل وبدّدت بنورها ظلمات القرون.
وقد مثلت ثورة أيلول ٦٢م فرصة ليس لليمنيين فحسب، بل وللسلالة الهاشمية كذلك، غير أن السلالة  فوتت على نفسها الفرصة الأخيرة التي منحها إياها اليمنيون لتعيش بسلام بينهم، لها ما لهم وعليها ما عليهم، وأبت إلا أن تظل غريبة طارئة على الأرض والشعب اليمني، وها هي تلتهب من جديد كزائدة دودية تهدد حياة اليمن، وتصر أن لا تدع لليمنيين أي طريق للحياة إلا باستئصالها.. 
هذا ما سيكون.

*من صفحة الكاتب.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر