مصطفى محمود
مصطفى محمود
يحيى بن الحسين الرسي.. مهندس تجريف الهوية اليمنية
الساعة 02:37 مساءاً

 

شيد الإنسان اليمني القديم أعرق حضارة إنسانية على وجه البسيطة.... اعتمدت تلك الحضارة، على التجارة، والتعدين، والزراعة والعمران، ما أهلها لخلق مجتمع مدني مستقر، زاخر، بصروح المعارف العلمية، في شتى المجالات.. فقد كانت تلك الصروح، متنوعة الرسالة التعليمية، تقوم بمهمة التعليم الفكري والثقافي والفني والمهني. وقد مكنها هذا التطور المعرفي من تسجيل أحوال ذاك التطور المعرفي والتقدم الحضاري وتوثيقة.. ونقلت للأجيال المتعاقبة مافي خبرتها من تراكم حضاري عبر التاريخ.. وقد تم نقل جزء من تلك الخبره إلى خارج اليمن... وهو مايعرف اليوم بسم التعاون الدولي.. وقد كانوا اليمنين الحميرين ذو بعد نظر فقد دونوا احوالهم وخبراتهم وعوامل نهضتهم.. من خلال النقوس فوق الاحجار..ولم يدونوها فوق الورق الذي كانوا يصنعوه من الاشجار وجلود الحيوانات، لكي لايندثر قبل ان يصل للاجيال.. وقد كانت اليمن مزدهرة بالزراعة.. فبتكروا اساليب ري فاعلة. كالقنوات والسدود وقد كان لذلك الازدهار الزراعي تأثيرا مباشرا على المجتمع المرفه آنذاك فأبدع منظومة من التراث اللامادي المصاحب لطقوس العباده والرآي والتعدين والتصنيع والحصاد.. وكانت المرآه اليمنية مشاركة في العمل خارج المنزل جنبا إلى جنب مع الرجل.. في شتى مناحي الحياه.. فالحضاره اليمنية، القديمة.. كما تبين الاثار والنقوش.. حققت المساواه بين الرجل والمرآ في المجال العام..وصل ذروته بتولي المرآه مقاليد الحكم.. وهذه سابقه لم تعرفها حضارات العالم القديم.. فالتقدم الحضاري الذي شهده اليمن حقق تعاضد مع الموقع الجغرافي مع حركة التجارة العالمية.. جعل اليمن نقطه اتصال بين مصر والبحار الجنوبية والهند واغلب دول العالم.. وكان هذا سببا لوضع اليمن نصب اعين المطامع الدولية، بأعتبار اليمن اغناء بلد في العالم والشعب اليمني شعبا مترفا في تلك الفترة التاريخية.... هذا الثراء جعل اليمنين هم أول من ابتكر بناء المنازل والقصور والقلاع.. في حين كان أغلب شعوب العالم لايعرفون البنيان ومساكنهم الكهوف والخيام.. سوف نتكلم بالتفصيل في مقالات قادمة عن الانظمة التالية.. السياسي. والإداري للدولة والاقتصادي والقضائي، والتعليمي والزراعي، والصناعي.

والفدرالية والسلطة المحلية.. لقد تمكن اليمنين من توثيق تاريخهم في شتى مجالات الحياة..بتقاليده القانونية والسياسية التي انتهجوها لحل الخصومات فيما بينهم.. وبناء الدول المتعاقبة. والاتحاد والانفصال بين الأقاليم القديمة.. وتجسد الكثير من الاثار الباقية حتى الوقت الراهن شاهدا حيا على اعظم امبراطورية كونية.... وقد كانت فترة التاريخ الوسيط لليمن أسوأ مراحلة التاريخية وبداية انتكاسته الحضارية والإنسانية وذهابة في طريق الا عودة وظل إلى يومنا......
كان مجئ يحيى بن الحسين الرسي إلى اليمن، كارثة بكل المقاييس لقد اجهز على ماتبقى من موروث حضاري وإنساني لدى الإنسان اليمني، لقد كان نقطة فاصلة في تاريخ اليمنين.. بين الحضارة والتقدم والازدهار..قبل مجيئه وانحكاط وجهل وتخلف وحروف بعد مجيئه والى اليوم فهو مهندس تجريف الهوية اليمنية على المستوي النظري والعملي.. بسم الاسلام.. قضى على المفاهيم اليمنية الحضارية التقدمية والانسانية.. من ذهنية الإنسان اليمني.. واستبدلها بمفاهيم قرشية بدوية تؤمن بثقافه العنف والغلبة والتخلف والجهل.. أصاف إليها ثقافة إسلامية خاصة به إنشاء مذهب سلالي يحقق مصالحه ويخدم ذريته من بعده.. وحارب موروث اليمنين الحضاري والإنساني..على المستوى النظري والعملي.... وذهب الأئمة من بعده يمضون على نهجه خطاه المنحرفه المنزلقه.. إلى يومنا هذا ورغم تجريف الائمة الهاشمين للهوية اليمنية من عهد المنهدس الأول الرسي إلى عصر عبدالملك الحوثي.. ومحاولتهم لطمسها وتغيبها.. ورغم دورات النزاع السياسي والحروب التي شهدتها اليمن بين الائمة مع بعصهم والأئمة وثوار يمنين. وصراع الدويلات الإسلامية وماتلاها...برغم هذا كله احتفظت البلاد حتى وقت متأخر من القرن العشرين بجزء من تراثها المادي واللامادي.. نعم احتفظ اليمنيون بجزء من التراث اللامادي عن طريق العادات الاجتماعية المترابطة ارتباطا وثيقا بتاريخ الحميرين..لكن التراث المادي  (نقوش وتحف اثريه ومخطوطات) تعرض بصوره متزايدة منذ بدء الاستكشافات الأثرية منتصف القرن الثامن عشر.للنهب والسرقة والتهريب إلى خارج البلاد أو التدمير والتشوية.. من قبل عصابات، تابعه للآئمة والهاشمية السياسية بشكل عام... والشرح في هذا الجانب يطول... فبعد التجريف الذي تعرضت له الهوية اليمنية من قبل الهاشمية السياسية...آتا الحوثي اليوم على ماتبقى من التراث المادي وللامادي.. والممتلكات الثقافية. وجعلت البلد يفقد يوما بعد اخر إرثه المتنوع وتقاليده الراسخة في الحكم والممارسات الاقتصادية والثقافية.. لقد دمرت المليشيا الحوثية عدد كبير من الاعيان الثقافيه سواء باستخدامها لاغراض عسكرية او نهب محتوياتها او باستهدافها والحاق اضرار متفاوته بها.. فالهاشمية السياسية والحوثين يحملون موقفا عدائيا من التاريخ اليمني غير المتسق مع فكرهم الدخيل.. فقد دمرالحوثين الكثير من الممتلكات الثقافية في مناطق سيطرتهم. علاوه على ذلك عمدت المليشيا الحوثية في أكثر من مرة التمركز في مباني وقلاع تاريخية.. وقصفت بالمدافع مدن تاريخية مدرجة ضمن لائحه التراث العالمي، ومباني وقصور اثرية. ما ادى الى تدميرها كليا وجزئيا..
المعضلة أن أغلب اليمنين ينظرون لتدمير تراثهم وتاريخهم وممتلكاتهم الثقافية. على أنه سلوك لايستحق الالتفاف إليه...وهذا ماشجع الهاشمية السياسية والأئمة من قبلها والحوثي اليوم على مزيدا من التدمير ومع حاله التيه في الهوية اليمنية عمقت المليشيا الحوثية من نظرتها العدائية تجاه التاريخ الذي لاينسجم مع ايديولوجيتها ومن ثم تدمر التراث الذي ترى فيه خطرا على وجودها..
*من صفحة الكاتب.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر