مصطفى ناجي الجبزي
مصطفى ناجي الجبزي
محاربة الكهنوت شأن يمني فقط
الساعة 12:51 صباحاً
يبدو مقطع الفيديو الخاص بجامعة إب واكاديميون يؤدون قسم الطاعة لمولاهم عبد الملك الحوثي صادما جدا لمن يمتلكون وعيا بالحرية من حيث الأبتداء ووعيا جمهوريا. لكن لو ترجم او دبلج وقدِّم الى اي أوروبي فانه قد لايعني له شيئا. مجرد حفلة. ربما يقارب رفع اليد اليمني بتحية هتلر النازية في احسن المقاربات. لكنه لن يستطيع التقاط الدلالة الكبيرة لهذا السلوك ومقدار الانتهاك للحرية وايضاً الفاصل الزمني الكبير بين العقليات في البلد الاوروبي وبلد كاليمن. ثم ان الصورة تحت خيمة لا تثير اي فضول. ولو حاول احد ان يشرح ان هذا المشهد وانه لدكاترة جامعيين يؤدون قسم الطاعة لشاب مختف في كهف لا يملك من المعرفة الا ما يؤكد حقه في امتلاك رقاب العباد فقد لا يجد اي استجابة عاطفية من الاوروبي سوى ضحكة بسيطة. هذه القطيعة في القيم هي مشكلة كبيرة. يتفاعل الاوروبي فيما لو كان الحديث عن جريمة إنسانية بسبب قصف او انفجار ، وهذه مسالة نسبية مرتبطة بنتيجة ما اذا كان الاعلام قد اشتغل على الحادثة كفاية. لكن الحديث عن الحرية او فرض الحكم بصك إلهي امر لا يعني الاوروبي وقد ينظر الى ما يحدث في جامعة اب باعتباره خصوصية ثقافية لليمن. بمعنى اننا لن نجد شريكا غربيا يتفاعل مع ما نحمله من قيم انسانية وسياسية متعلقة بالانعتاق من العبوديات الكهنوتية. وسيفضل المواطن الاوروبي العادي ان ينأى بنفسه عن تفاصيل مزعجة كهذه لانها متكررة ومزمنة. بل ان هناك أصوات في اوروبا تقرأ تدخلها في السياسات الخارجية ومحاربة داعش او القاعدة باعتبارها اخطاء استراتيجية جلبت الارهاب والتطرف الى عقر دار اوروبا وهو امر ما كان ينبغي له ان يتم لولا الفضول العسكري الغربي. كما ان الفكرة الشائعة حول بلدان ما يطلق عليه بالشرق الأوسط هو انها بلدان غارقة في الديكتاتوريات والحروب الدينية والانقسامات الجهوية والمناطقية. وهذا التصور هو الغالب وتُقرأ الاحداث في اليمن من هذا المنظور خصوصا وان المعركة في اليمن هي حرب بالوكالة بين قطبي الاسلام السني والشيعي. انتصار احدهما على الاخر لن يغيير في الحقائق الكونية. بل ان تقدم الاسلام الشيعي قد يساعد في كبح موجة التطرّف الاسلامي السني الوهابي. لم يعد هناك اهتمام بمناصرة نضالات الشعوب من اجل الحرية. وقد تقلص دعم الديمقراطية الى فرض ديمقراطية طائفية بدل من دولة المواطنة المتساوية. ومن المؤسف جدا ان النخب الشابة اليمنية المتواجدة في اوروبا او أمريكا او المرتبطة بها قد تماهت مع مشروع الديمقراطية الطائفية. واصبحت احدى ادوات هذا المشروع. أوروبا تواجه ازمة انحسار وتراجع إمبراطوري منذ عقود وقد دخلت في مشاكل اقتصادية ولم تعد احزابها تنذر الا بتزايدة الهجرة واللاجئين وتراجع فرص العمل. هذا المجال من الافكار والتصورات لا يتيح لمعظم الغربيين قراءة المشكلة في اليمن باعتبارها معركة بين الدولة واللادولة، بين وعود الديمقراطية والكهنوت الديني، بين انصار العلمانية وانصار الخلافة او الولاية، بين مناشدي دولة القانون والمواطنة ودولة العسكر او القبيلة. كل هذا العناوين لا دلالة لها في الغرب. فقط حصاد قصف الطيران او ارقام الواقعين في ازمة إنسانية. اي ان المعركة في اليمن فقدت ابعادها الاخلاقية والسياسية وخرجت عن سياق التحول ورغبة التغيير مع الربيع العربي وباتت المسألة ارقام وصور وكارثة يتحملها التحالف العربي. لقد غاب الفاعل اليمني في هذه الكارثة. من هذا كله، على اليمنيين ان يؤمنوا بقضيتهم اولا ويعملوا من اجل الانتصار للقيم التي يحملونها. وان يعيدوا فهم دور دول التحالف باعتبارها دول مساندة في اطار مهمة معلومة جاء تدخلهم لتلاقي المصلحة الأمنية والوجودية في اليمن والإقليم.
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر