عمار التام
عمار التام
اليمن في الوجدان الإسلامي والإنساني
الساعة 04:19 مساءاً

الشعب اليمني الأكثر عاطفة تجاه القضايا العربية والإسلامية والإنسانية، وهو شعب حي يتفاعل مع كل القضايا العادلة مبدئيا متجاوزا الحسابات والظروف السياسية والتي قد تكون ضد مصالحه العامة في مواقفه الإسلامية الإنسانية المبدأية. 
في المقابل وخلال سنوات الحرب الآثمة التي شنتها إيران عبر ذراعها الحوثي في اليمن على اليمنيين واعتدت على الخاص والعام، انقلبت على الدولة والحوار واسقطت مؤسسات الدولة وتسببت في أكبر أزمة إنسانية للشعب اليمني بالعالم، وأخطر ما في العدوان الإيراني الشيعي وأدواته هو التجريف الكبير لهوية وعقيدة الشعب اليمني وسعيه لجعل اليمن منصة إقلاق واعتداء على دول الجوار واستهداف مقدسات وهوية المسلمين.
وبناء على ذلك فإن أقدس وأعدل قضية إسلامية وإنسانية في العالم اليوم هي اليمن . 
السؤال هو أين حضور اليمن في الوجدان الإسلامي والإنساني جراء العدوان الإيراني الشيعي وأدواته في المنطقة؟ 
شهدت السنوات الأولى من الحرب الإيرانية الآثمة زخما كبيرا لصالح اليمن والشرعية، ثم تلاشى وخفت هذا الزخم شيئا فشيئا حتى شهدت مناطق ذات رمزية إسلامية سنية كمدينة غزة بفلسطين التي حررها صلاح الدين الأيوبي بعد انتصاره على الفاطميين، ومدينة اسطنبول "القسطنطينية" التي انطلق منها السلطان سليم الأول حفيد السلطان الفاتح للقضاء على الصفويين، شهدت تلك المدن مؤخرا فعاليات مساندة لخنجر المشروع الإيراني في خاصرة العالم الإسلامي الحوثيين تساندهم وتتعاطف معهم في غياب شبه كلي للمساندة والتعاطف مع قضية الشعب اليمني كقضية إسلامية وسنية وكقضية إنسانية عادلة. وقد نرى في الأيام القادمة فعاليات في دول المغرب العربي ومصر كذلك.
وربما تنال رضية المتوكل جائزة نوبلية كمكافأة على جهودها السلالية في المحافل والمؤسسات الدولية ضد اليمن. 
عوامل داخلية وخارجية ساعدت في غياب اليمن عن الوجدان الإسلامي والإنساني خلال هذه السنوات أبرزها: 
- خذلان الإسلاميين لليمن نكاية بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وجمهورية مصر العربية بناء على نتائج المواجهة للربيع العربي في المنطقة العربية خاصة والتقارب والتطبيع مع الكيان الصهيوني وتنفيذ مفردات رؤية 2030 الإصلاحية بالمملكة العربية السعودية وما صاحبها من إجراءات يرى فيها بعض الإسلاميين استهدافا للتيار الإسلامي داخل المملكة العربية السعودية وخارجها كتصنيف بعض المكونات الإسلامية جماعات إرهابية. 
لذلك لم نرَ لاتحاد علماء المسلمين ولا لمنظمة التعاون الإسلامي والمجامع الفقهية والهيئات الإسلامية في العالم الإسلامي موقفا سوى بيانات للأزهر الشريف ومنظمة التعاون الإسلامي.
والحقيقة ان المبررات التي يراها الإسلاميون في خذلان اليمن غير مقبولة فاليمن رسميا وشعبيا موقفه مغاير الى حد كبير وواضح من تلك القضايا وخاصة الموقف من القضية الفلسطينية ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني والنأي بنفسه عن الخلافات والصراعات التي أعقبت ثورات الربيع العربي في المنطقة ومنها الازمة الخليجية، وقضية اليمن قضية عربية إسلامية إنسانية مستقلة عادلة، 
وتحالفه مع أشقائه مبررا ومسوغا بكل القوانين والأعراف الدينية والسياسية والدولية لمواجهة المشروع الإيراني الشيعي وأدواته في المنطقة، والغريب هو خذلان الإسلاميين والقوميين له بهذه المعركة المصيرية للعرب والمسلمين. 
- عامل آخر يتمثل في شبكة الجزيرة والعربي وغيرها من المحطات الإعلامية الضخمة المنحازة لإيران وأدواتها في المنطقة كانعكاس لحالة الصراع العربي بعد ثورات العربي وصولا الى الأزمة الخليجية، ولم تتغير سياسة تلك المحطات تجاه اليمن حتى بعد المصالحة الخليجية والعربية. 
- عامل ثالث وهو الأخطر يتمثل في الدور المتنامي لجماعات التصوف السياسي المتناغم إلى حد بعيد مع المشروع الإيراني في السودان وفلسطين ومصر والمغرب العربي ودول شرق آسيا وتركيا ويلعب اللوبي الهاشمي داخل جماعات التصوف السياسي دورا محوريا في هذا الحراك فقد تم عزل المكتب السياسي لحماس وتحييد شخصيات عربية سنية اعتبارية بالحركة لصالح إسماعيل هنية ومحمود الزهار القادمين من بيئة صوفية مبكرة. 
كما كان للجماعات الصوفية دور محوري في انقلاب السودان وتأثير نسبي ملحوظ على التيار الإسلامي بدول المغرب العربي ودول شرق آسيا. 
الدراما التركية التاريخية التى يرى فيها البعض أنها أصبحت قوة ناعمة لنشر وإسناد التشيع السياسي في العالم الإسلامي خاصة في العامين الأخيرين. 
كما استضافت اسطنبول مؤخرا مؤتمرا إسلاميا للإذاعات المحلية في تسع عواصم إسلامية منها "كابول والقاهرة ودمشق وبيروت وبغداد وطهران وصنعاء والخرطوم" وكان للجنة الإيرانية اليمنية وتتنظيم مستقبل العدالة التي على رأسهما حسن بن علي يحيى العماد المحتجز لدى القوات اليمنية مؤخرا بالمهرة دور محوري في تنظيم ذلك المؤتمر، وهو ما يفتح المجال لتساؤلات عديدة تجاه تلك التحركات والمواقف التي خذلت اليمن العربي الإسلامي السني. 
 - عوامل داخلية تتمثل في الشلل الواضح للسلك الدبلوماسي اليمني كنتيجة طبيعية لحالة الفساد والمحسوبية والشللية التي أسهمت كل القوى السياسية في مضاعفته حتى بعد الانقلاب الحوثي،
 مما جعل السلك الدبلوماسي خارج نطاق المعركة إن لم يكن متخادما بنسبة ما مع المشروع الإيراني في عدة دول ومنها روسيا.
الحديث عن السلك الدبلوماسي اليمني يقودنا للعودة إلى الدور المبكر للهاشمية السياسية في اليمن والمعهد الدبلوماسي الذي أسسه وترأسه الدكتور أحمد علي يحيى العماد سنوات عدة. أحمد العماد هو وصي ورأس المشروع الهاشمي في اليمن وفقا لعدد من المؤشرات، وإن كان بعيدا عن الظهور لكنه فاعلا في التأثير والحضور من خلال اللوبي الهاشمي الحوثي الذي تموضع مبكرا في دهاليز وأروقة المؤسسات الدولية والعربية والإقليمية واليمنية يساعده إلى حدٍ كبير الموقف الرمادي للوبي الهاشمي داخل الشرعية المتواجد في دوائر صناعة القرار بقصد أو بدون قصد. 
كما أن الخلافات البينية للمكونات الوطنية وتفرقها له تأثير سلبي في غياب دور الدبلوماسية اليمنية الشعبية كدور مساند للدبلوماسية الرسمية للتعريف بقضية اليمن العربية الإسلامية الإنسانية وحشد كل أنواع الدعم والإسناد لها حتى استعادة الدولة وانهاء الدور الإيراني الشيعي وأدواته في المنطقة داخل اليمن. 
يتعين على اليمنيين بكافة أطيافهم رسميا وشعبيا أن يقفوا أمام هذا التحدي المتمثل في غياب اليمن عن الوجدان الإسلامي والإنساني، ويستعيدوا زمام المبادرة حتى لا يقف العالم مع الجلاد ضد الضحية، وتضيع عدالة القضية بغياب ملامحها ومظاهرها.
- رئيس مؤسسة جذور للفكر والثقافة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر