عادل الشجاع
عادل الشجاع
ماذا يعني صمت المثقفيين الهاشميين؟!
الساعة 09:44 مساءاً

صراعنا مع الحوثي ليس لأنه انقلب على السلطة واستولى عليها، فذلك أمر يحدث عبر التاريخ في إطار الصراع على السلطة. الحوثي لم ينقلب على السلطة لأن أي انقلاب في التاريخ يبقي على مؤسسات الدولة ويعمل من خلالها. الحوثي دمر مؤسسات الدولة واستبدلها بأفراده الحاملين لمشروعه القائم على الاصطفاء الإلهي. هذا المشروع تم التعامل معه بنوع من الاسترخاء من قبل الهاشميين أنفسهم وخاصة أولئك الذين ترعرعوا في أحضان الجمهورية ودرسوا في مدارسها وتقلدوا مناصب باسمها.

نحن لانطلب منهم الوقوف ضد قناعاتهم بقدر ما نطلب منهم القيام بواجبهم المدني والإنساني والوطني الذي يحتم عليهم رفض التمييز العنصري ورفض أسوأ جريمة ارتكبها الحوثي في تاريخ اليمن. نريد منهم أن يكونوا أصحاب رأي بخصوص الولاية والوصاية واتخاذ مواقف حقيقية بخصوص مكافحة الحق الإلهي. نريد منهم أن يقولوا لنا كيف يرون علاقتهم بنا وموقفهم من نظام الحكم.

مازال لدى الهاشميين فرصة مهمة لإرسال رسالة واضحة حول موقفهم من المسألة الوطنية وأنهم على استعداد للنضال من أجلها مهما كلفهم ذلك. بعد ست سنوات حرب واليمنيون ينتظرون من الهاشميين موقفا من التمييز السلالي الذي لن تقتصر آثاره على فئة من الناس دون غيرهم، بل سينال الهاشميين النصيب الأكبر من هذه الآثار، لأن الحوثي يكرس الكراهية ويغذيها من رضاعة التعالي السلالي.

لفت نظري مسارعة البعض منهم لكتابة ردود مواربة على قضية الخمس التي تعد قضية فرعية ناتجة عن القضية الأصل المسكوت عنها والتي يتبناها الحوثي علانية وبقية الهاشميين إضمارا، المتعلقة بأحقيتهم في الإمامة. لقد ناضل الشعب اليمني في ٢٦سبتمبر مثله مثل بقية الشعوب الأخرى من أجل التحرر من ربقة العبودية ودفع ثمنا لذلك دماء زكية من أبنائه.

وعلى هذا الأساس نحن نتوقع من هؤلاء أنهم لن يساوموا ولن يقبلوا أنصاف الحلول حينما يتعلق الأمر بالحرية والكرامة والوطنية، لأن الدفاع عن الأمة في مثل هذه الظروف ينبغي أن يكون قضيتهم الأولى. نحن لا نطالبهم بحمل السلاح في وجه الحوثي، بقدر ما نريد منهم ثورة فكرية تعمر اليمن بالعلم وليس بالتنافس السلالي .

الذي قدمه الحوثي باسم الهاشميين أنهم أحسن من غيرهم وأن رسالتهم عبر التاريخ هي حكم الآخرين وأنهم بذلك يحققون الوصية والتكليف الإلهي، والسؤال الذي يطرح نفسه : ما موقف الهاشميين المثقفين أو الذين يتقلدون مناصب قيادية في أحزاب سياسية، مما يطرحه الحوثي ؟ فهم حتى الآن مسؤولون إما بالصمت وإما بالغفلة وعدم الانتباه لخطورة هذا التمايز المسكوت عنه.

الحوثي كما قلنا، لم يكن إنقلابيا بالمفهوم المتعارف عليه، ولهذا وجب على الأحزاب والقوى السياسية نقل حقيقة الحوثي إلى المجتمع الدولي، لكي يعرف العالم أننا لسنا أمام جماعة إنقلابية فحسب، بل أمام جماعة تدعي الحكم الإلهي، لتعيدنا إلى ما تخلص منه العالم منذ قرون.

لقد وقفت مندهشا من تدبيج الإصلاحيين البيان الخاص بالخمس بآلاف المقالات والتعليقات وامتداح البيان ووجدت أنهم مثل فرقة تكافح البعوض وتترك المستنقع الذي ينتج هذا البعوض. ومما زادني إندهاشا قراءتي لبيان صادر عن قيادات المؤتمر في الخارج بدون ذكر أسماء هذه القيادات. عندما يخشى قيادي حزبي عن ذكر اسمه وهو في الخارج فكيف نعول عليه في التغيير ؟ 

من هنا أدركت كيف أمكن للأحزاب السياسية أن تتحمل عصابة لا تملك من السلطة والقوة إلا ما أعطوها، ولا من القدرة على الأذى إلا بقدر احتمالهم الأذى منها. ماكانت هذه العصابة تستطيع إنزال الشر بهم لولا إيثارهم الصبر عليها، بدل مواجهتها. هذه الأحزاب هي التي تركت القيود تكبلها، أو بالأصح كبلت نفسها بنفسها.

أي تعاسة هذه أن نرى عددا لا حصر له من الناس، لا أقول يخدمون عصابة، بل تستبد بهم. إن الحزب الذي يستسلم بنفسه للاستعباد يعمد إلى قطع عنقه. والحزب الذي يكون بين خيار العبودية والحرية، فيدع الحرية جانبا ويأخذ قيود العبودية هو الذي يرضى بالأذى، بل بالأحرى يسعى وراءه.

عود على بدء نريد أن نسمع الهاشميين الذين يؤمنون بالهاشمية كأسرة وليس كامتياز أن يصدعوا بأرائهم الفكرية جنبا إلى جنب مع اليمنيين وأن يكون لهم شرف الدعوة إلى إسقاط الحكم الإلهي لينظموا إلى أحرار العالم الذين كان لهم شرف النضال من أجل إسقاط نظام العبودية والتمييز العنصري وسجلهم التاريخ في أنصع صفحاته. 
نريد تشكيل لجنة من المثقفين والمفكرين والحقوقيين ينخرط فيها الهاشميون الأحرار لتجوب العالم وتعريفه بحقيقة الحوثية كمشروع تصادر فيه حرية وكرامة وإنسانية اليمنيين في القرن الواحد والعشرين.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر