محمد قشمر
محمد قشمر
الاستخفاف الدبلوماسي والإنساني الدولي في اليمن.
الساعة 09:10 مساءاً

نعود دائماً إلى النقطة الحساسة التي حقيقةً العودة اليها تشكل ضغطاً نفسيا كبيراً علينا وهي أن الوجود الحقيقي يتمثل بالتمسك بالأرض والتواجد بها، ومدى القدرة على المناورة السياسية في زمن التغيرات والمتغيرات والمنعطفات في تاريخ اليمن، نحن كأنصارٍ للشرعية والشرعية ذاتها ما زلنا بعيداً بسبب بعدنا عن منبع الثبات وهي الأرض، هكذا تقول المعطيات دائماً أن المتواجد والثابت على الأرض هو الذي يستطيع أن يناور بشكلٍ أكبر. ابتعاد الشرعية عن الأرض لها تداعيات كبيرة على القضية اليمنية المدعومة من المجتمع الدولي، نفسه المجتمع الدولي الذي يستخف دائماً بعقول المجتمعات ويستخف بعقولنا بشكلٍ كبير لدرجة أننا نشعر بالخجل من ذلك الكم الهائل من الاستهتار والاستخفاف بنا على وجه العموم.
نحن حالياً نمر باستخفاف دولي معيب بنا جميعاً، كيف لا يكون استخفاف وتقزيم ونحن نرى ان الدبلوماسية الدولية أصبحت تتفنن بصناعة الأذى الدولي وتتفنن بزيادة الاحتقان السياسي في أي بلدٍ يمكن أن يشكل ولو بنسبةٍ بسيطة مصالح مختلفة للدول الفاعلة والمؤثرة بالقرار الدولي.
اليمن والشرعية مثال بسيط لهذا الوجود الحقيقي لهذه الكارثة، الشرعية اليمنية التي حازت على إجماع دولي على شرعيتها وعلى انها الممثل الشرعي لليمن ارضاً ولليمنين كشعب، وتلك القرارات الدولية الصادرة عن ذلك المجتمع الدولي هي دليل على الاعتراف الدولي بمدى تناقضها مع ذاتها ، وتظهر بجلاء مدى الاستخفاف الدولي بمدى التعامل مع اليمن كقضيةٍ إنسانية ، في الامس القريب تصدر الأمم المتحدة قرارتها الداعمة للشرعية اليمنية،  الحقيقة انها قرارات داعمة للشعب الذي يرغب في بناء دولته بعيداً عن التقوقع الطائفي الذي لا يمكن أن يبني دولي، كما أنه لا يمكن أن يساهم في بناء مجتمع متماسك ، لهذا كانت القرارات الدولية  وعلى رأسها على سبيل المثال لا الحصر القرار 2216 الذي رتب الأمر بطريقةٍ المفترض انها الأساس الذي يجب ان تمضي عليه العملية السياسية والعسكرية التي قامت من أجل انفاذ القرارات الدولية التي تهدف الى استباب الأمن والسلم الدوليين.
للأسف تحولت عقارب السياسة الى عكس الاتجاه وبدأ المجتمع الدولي أو بالأصح المتنفذين في الأمم المتحدة وهم الأقوياء بفرض رؤى تخالف كل القرارات الدولية التي وجدت من أجل السلام الدائم في اليمن لتتحول العملية بعدها الى تجارةٍ دوليةٍ عابرةٍ للقارات سلعتها الرائجة هي القرارات والمآسي الإنسانية التي أصبح التجار الدوليين يستخدمونها من أجل إثراء خزائن دول عظمى تقتات على الشعوب الضعيفة والمغلوبة على أمرها، اليمن أصبحت حالةً يجب أن يتم دراستها من الناحيتين الدبلوماسية والإنسانية، كون ما يحدث حالياً من لعب مخيف تحت مسمى المشاورات الدولية من أجل انهاء الحرب بطرق سياسية دون العسكرية تبدي بوضوح ان التلاعب الذي يتم عن طريق المبعوث الدولي اصبح يشكل ظاهرةً ان استمرت فهذا يعني أن هناك بداية مخيفة لإشعال 
المنطقة في صراعات لن يخرج منها أحد من أبناء المنطقة العربية منتصراً ابداً ، المبعوث الدولي اصبح يتعامل مع مهمته على أنها مفروضة فرضاً على الشرعة اليمنية كونها الطرف الأقوى رغم أنها كشرعية ما زالت غير مدركة لما تملكه من مقومات القوة التي بدأت بالتسرب من بين أناملها الضعيفة والتي لم تستطع أن تحافظ حتى الان على ما لديها من أوراق يمكن أن تبقيها على أقل قدير في مكانها دون تراجع ، والتراجع اصبح ملحوظ خصوصاً بعد اتفاق استوكهلم الذي ساوى بين الشرعية والانقلابين الذين يحققون انتصارا علينا بفعل العمل الدؤوب من قبل الغرب الذي يبحث عن الأقوياء ولا يبحث عن المتكلين أو المتواكلين. ما زل الاستخفاف الواضح باليمن من خلال التلاعب بقرارات الأمم المتحدة عائقاً أما أيجاد منفذ واضح للوصول الى استقرار لنا وللأشقياء، كما أن التلاعب الذي ظهر في المجال الإنساني والإغاثي ايضاً أبدى وجهاً آخر للعمل الإنساني الممزوج بالروح السياسية الشريرة وبالفساد المالي الذي لا يهتم لأمر الأطفال الذين يموتون من الجوع بقدر ما تهتم المنظمات الدولية للنفقات والمصروفات التشغيلية التي تعتبر ميزانية عملاقة لدول فقيرة كاليمن.
نحن ايضاً نساهم كثيراً في فتح المجال واسعاً امامهم من أجل أن يستخفوا بنا وأن يتجاهلوا وجودنا وكياننا البشري، نحن من نعطيهم الضوء الأخضر لأن يعاملونا باستخفاف لا يجعل منا أكثر من كرةٍ يتقاذفها اللاعبون الدوليين ونحن لا نملك الا أن نتدحرج بين أقدامهم ونتمنى أن يتوقف اللعب لعلنا ان نجد راحة لا يمكن بحالٍ ان يساهموا هم بصنعها ابداً.
 أتمنى الا أكون مخطئاً لو أني تطرقت الى دعوة السفير البريطاني الى وجبة إفطار رمضاني ليلقي على ضيوفه دروساً في الفقه السياسي وكيف انهم يستطيعون ان يديرونا بما يحقق مصالحهم ثم مصالحهم ثم مصالحنا ان وجدت، كانت حملة المقاطعة لتلك الدعوة عبارة عن رسالة من الأحرار الذين بدأوا يدركوا ملامح اللعب على الدقون والاستخفاف بالمجتمعات. ولا ننكر أن لحملة المقاطعة تأثير ولو كان محدوداً جداً ولكن الرسالة وصلت.
على الشرعية اليمنية ان تحزم أمرها وأن تجمع رجالها المعتقين العلماء المخلصين في المجال الدبلوماسي والعسكري والإنساني وأن تعيد ترتيب أوراقها وان تستثمر ما تبقى لها من وقت ارجوا الا يكون قد بدأ بالعد التنازلي معه لتخرج من دائرة العمل السياسي ولكن بوجهٍ غير مشرف.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر