صدام أبو عاصم
صدام أبو عاصم
قرار بيدك ولا عشرة عبر اتصال
الساعة 06:46 مساءاً

أراد أن يحستي معي القهوة. وفي غمرة اللقاء الذي لم يتم منذ فترة أراد أن يبشرني بأن ممكنات السعادة تعددت في حياته مؤخرا. أفرجت عن ابتسامة محبة لهذا التطور الفرائحي لمشرد عزيز في غربة قسرية وفي بلد تحدوه الكئابة من كل حدب.
لم يترك الابتسامة في وجهي تتمدد، ليلحق بشارته بتأكيد استفهامي: هل تصدق إن أحد أهم محفزات سعادتي مؤخرا هو مشاهدة عبدالملك الحوثي يخطب!
كرر بشارته بطريقة أخرى،
لم يعد هناك ما يشفي غليلي مما يحدث في غزة سوى ما يقوله الحوثي!
طبعا، لم أستغرب ولم أستجهن أو حتى أعلق!
تركت خيوط الابتسامة تتلاشي بطريقة مؤدبة ومحايدة لا تشيء بأي اعتراض أو قبول.
طلبت الحساب وقلت له: لا تكثر من الغياب، دعنا نلتقي!

الحديث مع هكذا كائنات في هكذا ظرف مضيعة،
إذ يتهيأ للبعض للأسف أن الحوثي جماعة طيبة صادقة ومنزهة، لكن أكثر شيء يرعب الجماعة وصفها بهذه الأوصاف. فالسمعة الحسنة فأل شؤم في نظره جماعة فقدت وتفقد بوصلة العقل والأخلاق كل يوم.
العقلاء من الأخوة العرب بإمكانك مناقشتهم وإقناعهم بوجهة نظرك، لكن الجهلة فيعتقدون إنك لو شككت في مواقف جماعات الممانعة فأنت إنما تمس بالقضية!
هم لا يدرون أن استغلال غزة ومأساتها بالهضربة التضامنية من أجل تحقيق مكاسب خاصة، لا يقل جرما عما يفعله العدو.
جرم الجماعة بحق أبناء اليمن لا يتوقف منذ سنوات. وبعيدا عن قتل الاطفال وخطف وتعذيب النساء وقطع رواتب الموظفين ونهب الممتلكات العامة والخاصة وفرض الجبايات، هناك حصار مطبق لمحافظات ومناطق بعينها وهناك تضييق على حركة الناس مستمر منذ ٩ سنوات.
طوال الأسابيع الفائتة مثلا لم تتوقف أخبار القتل العمد أو الخطأ وتحديدا في صنعاء. أمين عام نقابة الصحفيين محمد شبيطة يرقد من أيام في المستشفى بعد تعرضه لإطلاق نار تدور شكوك حول تورط الجماعة بالحادثة، تبثت بشكل غير مباشر بمنع الناس والزملاء من زيارتهم.
لا تتوقف الفيديوهات التي يطالعنا بها النشطاء والناس العاديين يشكون من بطش الجماعة ومنتسبيها. أحد المستثمرين دخل في تحدي مع أحد المسلحين الحوثيين فقال له سأغلق مطعمك، وفعل وهناك شكوى بذلك في فيديو منتشر. هناك فيديو قديم لطبيبة تكشف كيف تتعامل الجماعة في طوارئ احد المستشفيات مع غير المحسوبين على الجماعة، تقول وصلت اسرة للطوارئ تعرضت لحادث ولم يتم إسعافهم بسرعة لأنهم هناك توجيهات بالتمييز بين اليمنيين العاديين وذاك النسل الذي يتوهمون تفوقه !

شاهدت مؤخرا مقابلة لمسؤول في البنك المركزي اليمني وهو يعلق على قرارات البنك الأخيرة والمتعلقة بتوجيهات منع التعامل مع بنوك تجارية بعد رفضها نقل مراكزها الى عدن. قال الرجل إن هذا الإجراء هو لإنقاذ البنوك والأسر التجارية الكبيرة مما يحدث لها مناطق سيطرة الحوثي.
هناك قرار حوثي له سنوات يمنع التعامل الربوي في البنوك التجارية وبالتالي تم تقييد عمل البنوك تماما، لأن الأنشطة البنكية تقوم على الفائدة.
قد تكون قرارات البنك هذه هي من جعلت الجماعة يجن جنونها، لأن الحصار الاقتصادي العالمي سيتزايد على الجماعة وستفقد مصادر دخلها من النهب والجبايات على كبار المستثمرين وإلا من نهب المساعادت.

بالأمس الأمم المتحدة تعلن عن اعتقال الجماعة في صنعاء لعشرات من موظفيها في مؤسسات مختلفة. جميعهم يمنيون وليس لهم صلة بكل الذي يحدث!
أصدقاء يؤكدون أن بعضهم معاريف لهم وهم عاديون ككل الطيبين. فقط مشكلتهم إنهم لديهم مصادر دخل من منظمات دولية.
في رأيي كانت قرارت البنك الأخيرة، بعيدا عن مردودها الإيجابي أو السلبي المتوقع، هي أهم نشاط للمجلس الرئاسي منذ تأسيسه. أتذكر أن الرئيس رشاد العليمي قالها في البداية نحن مجلس سلم وحرب. ولأن الحرب العسكرية لم يعد منها طائل، فهناك وسائل لحرب أخرى قد تأتي ثمارها، وفي لحظة سلم أيضا.
قرار يحرك الراكد خير من لاشيء. منذ فترة لم يعد هناك شيء جديد ملفت لعمل الشرعية التي بدت وكأنها جاءت لتهز رأسها فقط وتقول حاضر فقط للشركاء والحلفاء الخارجيين.
هذه المرة الجميع متفاءل من أداء الشرعية التي تمثلنا، وإن لم نكن جميعنا ندري ونتوقع إيجابية قريبة تنعكس على حياة المواطن اليومية وعلى توحيد العملة الوطنية وعلى استقرار إقتصاد اليمن وسمعته ووحدته.

الأهم أن يكون هناك قرار بيدك. أنت صانعه. ولديك قدرة لتفسيره وقوة لتنفيذه. قرار مستقل وإن بدا متماشيا مع رغبة المؤسسات النقدية الدولية التي باتت تتعامل مع جماعة الحوثي على إنها إرهابية. فقرار محلي بيدك خير من تلك النوع من القرارات التي تأتي عبر اتصال أو توصية!
أتذكر عندما كنت ضمن مجموعة صحفيين حضروا مفاوضات ستوكهلوم  أواخر ٢٠١٩، كانت المتفاوضون على وشك الاتفاق على مقترح ما، وفجأة يخرج ممثل جماعة الحوثي ويتلقى اتصال ويعود وقد تغير رأيه.

كانت قوات الحكومة على على مشارف تطهير مدينة الحديدة لكن توصيات وضغوطات الأمم المتحدة والدول الراعية أجبرتهم على عدم الدخول وهو ما شكل هذا الأمر لاحقاً، نقطة فارقة لصالح الحوثيين الذين لم يرضخوا للضغوطات حينها وصنعوا قراراهم بأيديهم.

أفضل ما يمكن أن تقوم به الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي الآن هو فسح المجال لصناعة قدرها وقدر اليمنيين بيدها فقط. عليها ان تستخدم كل طاقتها ودبلوماسيتها والآن مع الشركاء من أجل هذا الهدف. من أجل قرارات جريئة حتى وإن كانت قرارات سلم!

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر