همدان الصبري
همدان الصبري
مشهد سلالي من شاقوص حريم الكهنوتي: خصلة شعر إكليلة يمانية ستشنق الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة!
الساعة 07:38 مساءاً

تداول البعض منشورات عن كتاب "يتيمة الأحزان"، ومررت كذلك على مقال -ومجموعة مقالات- لرئيس تحرير صحيفة "لا" تحت عنوان "مشهد جمهوري من شاقوص الحريم الملكي: ضفائر تقية حميد الدين تشنق مارد الثورة"!. استخدم الكاتب فيها مفردات متعددة إنجليزية مكتوبة بحروف عربية، أطلق عليها عادةً بـ عربيز -أي مزيج ما بين العربية والإنجليزية-، فاستبدل معنى الحنين إلى الماضي أو الوطن بـ "نوستولوجية!"؛ وذلك لمحاولة حرف مسار القارئ والمتلقي العام إلى مفاهيم غامضة تشعره بأهمية المقال وغزارة المضمون وجودة المحتوى المقدم!.
والهدف الأساسي من ضفائر حقدهم وإعادة ترويج وتسويق تلك الحقبة التاريخية المشؤومة، والتي لم يكونوا يجرؤون على ذكر ذلك إلى قبل بضع سنوات؛ يتمثل بصنفرة وطلاء تلك الحقبة المظلمة بألوان زاهية، وإعادة تلميع وتمجيد رموز الكهنوتية البغيضة، وتشويه صورة الإرادة الوطنية، والإساءة إلى الوطنيين الثوار الأحرار، ومحاولة استخدام جديلة مكرهم لشنق ثورات الجمهورية الخالدة المجيدة في ذهنية المتلقي العام!.
وعلى الرغم من أن المؤلفة "تقية بنت يحيى" ذكرت بغلاف ومتن مؤلفها بأن ما كتبته عبارة عن ذكريات؛ لتسمح لذاكرتها بإسقاط ما تريد واستذكار ما ترغب به، ونسج ما يجود به خيالها، ولتبتعد كذلك عن عبء مضمون المذكرات؛ إلا أن الكاتب الجهبذ للمقالات المتعددة أصر على أنها "مذكرات تقية" التي تحكي أحداثاً مهمة في مجريات التاريخ، ولتكون ذكرى وعظة من التاريخ العام يمكن الاستفادة منها في استرجاع الأمامية الكهنوتية البغيضة!. وفي الواقع، لا أعرف إن كان محرر تلك النصوص لديه المقدرة على التمييز بين المذكرات والسّير والحوليات واليوميات والاعترافات، وبين "الذكريات"!.
تناسى ذلك الكاتب أنه تلقى تعليمه بعد تدفق الحياة بشرايين مارد الثورة التي حاول شنقها بمقالاته، والتي فكته من شرك ضفائر الكهنوتية، وتجاهل أنه درس بكلية الآداب التي تم بناؤها في العهد الجمهوري، وتتلمذ تحت أيدي دكاترة ابتعثتهم الجمهورية، وتخرج من صرح علمي جمهوري مكنه من رص المفردات وحبك المقدمات، ولكنه عمداً حاول إعطاب الآلة القانونية التي تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر(المنطق)!. تغافل ما يسمى بـ "الأديب" أنه لولا ثورة الجمهورية لكان اليوم عاري الصدر، ورابط الإزار المتهالك بضفيرة حبل على خصره، ولكان على رأسه ربطة غاصة بالهوام والحشرات، وعلى جنبيه الطيار وعلى كتفه العيلمان!. ولم تكن تتوقع الجمهورية يوماً ما بأن تجد من أزالت غشاوة الجهل من عينيه، وعلمته وشيدت أفكاره، بأن يستخدم السوط لجلدها، وأن يجثم على ركبتيه لتقييد وتكبيل من أرادوا له الحرية والعزة والكرامة!.
تغابى من يعتقد بأنه "مثقف"، والذي أشار بتعاطف خادع إلى حقبة الامامية البغيضة بأنها مغضوب عليها ومطمورة بقسوة ولؤم، بأن الجّدات مُتن من وباء التيفوس، وان الأجداد ماتوا من حمى الراجعة (حمى القراد)، وان وجوه الامهات من الإكليلات أصابهن تندباً وتشوهاً من مرض الجدري والبعض فقدن بصرهن، وإن إكليلات تهامة كن يُبعن عبيد وجوار في عهد انتهى فيه الرق، بينما كُن من يسميهن بـ "أميراته" يستمتعن بسماع رنين أساور الذهب في معاصمهن، ويتمعن بأصوات الخلخال على كاحل اقدامهن، وينفثن سحابة الدخان على وجوه الدنيئين (الدويدار وأمثالهم)!.
تجاهل محرر تلك النصوص أنه بينما كان اليمانيون يتجرعون الويل والثبور في مدة حكم أبو وأخو من يطلق عليهن بـ "أميراته"، وعانوا الأمرين من صراع مدمر دام لثمان سنوات بين القبائل اليمنية بسبب أخيهن الآخر وابن أخيهن، وبينما كُن "أميراته والحريم الملكي" يقبعن في بيوتهن الفارهة (بالداخل والخارج)، ويمارسن التمارين الصباحية، ويتنعمن باستجمام الظهيرة، ويستمتعن بهدوء الأجواء المسائية، كان هنالك أنين وأوجاع وآهات الآلاف اليتامى والثكالى والأرامل!.
ألم يتعلم الكاتب في كلية الآداب أن هناك دلالات ضمنية عند استخدام المفردات، وإن كلمة "مدينة" في سياقها المدني والمعماري تحمل في طياتها بشكل تلقائي وجود المطار والجامعة، وأن للملوك صفات، وللرموز خصال، وللكهنة سمات!. فكيف لمن اتصف بالشح والبخل، ومن اختلف العلماء في مبايعته في بادئ الأمر لنقص شروط الإمامة المعتبرة لديهم والمتمثلة بالكرم، ومن كان بعيداً كل البعد عن أبناء الأرض، ومن خاطب أفراد جيشه بـ كعوا كعوا يا خولان (وكعوا) كلمة تزجر بها الحمير، ومن كان منزوياً بين دائرة جبلية ضيقة ولم يخرج عن إطارها، بأن يجعل منه "أهم رموز التاريخ العربي الحديث والملك الأوحد بين الملوك والساسة العرب"!.
بفجاجة منقطعة النظير وعبر كيل التهم وتزوير الحقائق، يطل كاتب تلك المقالات من نافذة الكهنة، ويشير بأنه تم الإجهاز على الكاهن بنصال الإخوانجية وبتدبير مخابراتي إنجليزي، وان واقعة التخلص من ظلمه واستبداده -في سنة ١٩٤٨م- كانت مرتبطة بخطر الهجرات إلى أرض كنعان وذات صلة بنكبة الكيان الغاصب؛ لكي يجعل من الثوار الأحرار عملاء!. كما حاول كاتب تلك الترهات بسبق الإصرار على حجب كافة الاتفاقيات والمعاهدات مع الإنجليز ومع غيرهم "المعاهدة الودادية "، وأراد تعتيم أن قبل ذلك الحدث أيضاً، خرجت فتوى من شأكوص من يسمون أنفسهم بـ "الآل"، تجيز التخلص من كبير آل الكهنة!. بل أنه ايضاً غض الطرف وتجاهل أن بارود الحرية ورصاصة الكرامة التي انطلقت من فوهة جرمل الحر "القردعي"، وقبضت على عنق الكهنوتية وهشمت رأس السلالية، هي من رسمت شعاع العزة والحرية والنخوة والكرامة وشيدت قلعة الجمهورية الأولى، ومكنت ذلك الكاتب من القراءة والكتابة وتحرير الصحف!.
اخيراً، البدايات الماكرة لا يمكن أن تكون لها نهايات مبهجة، كما أن الكاتب الذي يكون ريشة على محبرة بيد غيره، ويحاول تحريف وتغيير الحقب التاريخية في ذهنية المتلقي العام، هو كاتب يعاني إما من خبث الكهنوتية السلالية أو من انفصام داء العكفوية!. هنالك فساد اقتصادي مادي، وهنالك فساد إعلامي أخطر على الإنسان، وهناك صحافة بقايا الفتات (الصحافة الإنشائية واللا إخبارية)!. بخصلة شعر -لا ضفائر- أصغر إكليله يمانية سيتم شنق الكهنوتية السلالية وقفازاتها القذرة مجدداً، وستجعل منهم يعاودون الإبحار على متن السفينة الورقية ذاتها!.
---------------------------------
تنويه: لا للتدليس والتحريف والتزوير، بلا تحيه لرئيس تحرير صحيفة "لا"!.

*من صفحة الكاتب.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر