مصطفى محمود
مصطفى محمود
كتاب الجريمة المركبة... ذاكرة اليمن الجنائية
الساعة 01:48 صباحاً

عندما يقود السلاليون أفكارهم العنصرية ومعتقداتهم النازية إلى معاداة اليمنيين الذين يختلفون معهم في العرق والثقافة والتاريخ وطريقة التفكير، وإلى اضطهادهم واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم، عندما يحدث هذا، فإن هذه السلالة تصبح مشروعًا إجراميًّا تشكل خطراً على اليمن أرضًا وإنسانًا، وعلى والجوار المحيط به، وليس مجرد أقلية عرقية وافدة سكنت اليمن؛ إذ إن السلالي يتنشأ أسريا وعائليا على الإجرام ولا يخضع إلى القانون، بل إلى ما تمليه عليه عقيدته السلالية التي تربى عليها، وهذا ما يطلق عليه بالجريمة السلالية أو العرقية التي يتناسل منها عدد من الجرائم العنصرية والدينية والأخلاقية والسياسية والاقتصادية والعنف والإرهاب، وهي وفق استراتيجية إجرامية. 
هذه الجرائم المتعددة ذات المصدر الواحد أطلق عليها الناشط الحقوقي والباحث اليمني همدان العليي مصطلح (الجريمة المركبة)، وجعل المصطلح عنوان كتابه الصادر حاليًّا من (دار الآفاق العربية للنشر).كتاب الجريمة المركبة أصول التجويع العنصري في اليمن، هو وثيقة تاريخية وذاكرة اليمن الجنائية لإدانة استراتيجية الإجرام السلالي، وهو أيضًا ملف قانوني سياسي اجتماعي اقتصادي  لقضية تاريخية.   
وبرغم فداحة الجرائم السلالية عبر التاريخ وحتي اليوم التي يصعب وصفها، تموضع   الكاتب همدان العليي في عمقها  إلى درجة لم يسبق لأحد  قبله الوصول إلى ما وصل إليه ... ما يميز كتاب الحريمة المركبة عن غيره من المؤلفات في هذا الشأن، هو أن مؤلفه حقوقي وإعلامي ضليع، وهذا النشاط في تقديري ما سهل عليه أن ينظر إلى الجريمة السلالية من زوايا مختلفة غاص في أعماقها كاستراتيجية إجرامية، ليخلص في النهاية بمصطلح الجريمة المركبة وأصول التجويع العنصري.. 
 همدان العليي باحث امتاز بالحنكة والإبداع، ذو شخصية ثورية عنيدة، يناهض الظلم والطغيان؛ لهذا لم يكتف بسرد الجريمة السلالية كقصة  حدثت في مكان وزمان ما.. بل ناقش دوافعها وأسبابها، ومقاصدها، والأضرار المترتبة عليها، وآثارها على الفرد والأسرة والمجتمع اليمني لتصبح جريمة مكتملة الأركان.
مراد المؤلف  أولًا أن الجريمة تجعل  فاعلها السلالي في صراع مع أفراد يمنيين  عديدين، وثانيًا، أن هؤلاء  السلاليين محدثي هذه الجريمة يبقون  معرضين  للمعاقبة، ليس فقط من قبل السلطات العمومية بعد زوال سلطاتهم السلالية وحسب،  بل أيضا من طرف  اليمنيين، بدءًا من الضحايا، ووصولًا إلى مختلف اليمنيين  الفا علين المتحركين بمجال تواجد هؤلاء السلاليين مرتكبي الجرائم الذين ينظرون  إليهم اليمنيون ليس بمنطق الازدراء والحقد والكراهية  فحسب، بل بمنطق  إلزامي إلحاق الانتقام والعقاب والإيلام جراء ما اقترفوه. 
 ولهذا تجد همدان العليي مؤلف كتاب الجريمة المركبة يقابلك في كل سطور الكتاب وفي كل محطاته، فإذا كان الموقف قانونيًا تجد هذا المؤلف محاميًا له لغته القانونية الخاصة في الدفاع عن ضحايا الجريمة المركبة؛ وإذا كان الحديث عن ما يترتب على الجريمة السلالية  نفسيًا ومعنويًا  تجد مصطلحات يصيغها هذا الرجل  الهُمام بطريقة مدهشة تستشف منه على أنّه محللًا نفسيًا، يغوص في أعماق النفس البشرية للمجرم السلالي  والضحية اليمني، ويُظهر ما في دواخلها...ويثير سؤالًا تاريخيًا مهمًا للغاية.. لماذا السلالي مجرم مستمر واليمني ضحيه مستدامة؟
أما علم الاجتماع فستجد العليي حاضرًا، وهذا يتجلى في تشخيصه الأضرار التي لحقت بالمجتمع ماديًّا ومعنويًّا وقيمًا ووطنيًّا وأخلاقيا. تجده شاخصًا أمامك، كأنّه عالم اجتماعي متمرّس، بل وتجده ثائرًا يحاول أن يعطي رسالة حرية   للمجتمع. وعند التقاضي والمرافعة   تجده قاضيًا متمرسًا يواجه المجرم بالأدلة والبراهين القوية. 
يتبع،،

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر