د. لمياء الكندي
د. لمياء الكندي
قراءة في كتاب " الجريمة المركبة أصول التجويع العنصري في اليمن" للقيل همدان العليي (1)
الساعة 01:36 صباحاً

تغيرت أساليب المواجهة التي بات اليمنيون ينتهجونها في مقاومتهم ضد ادعياء الزيف والكهنوت الإمامي، فعلى الرغم من استمرار حركة المقاومة والرفض اليمنية للحكم الإمامي عبر مراحل تاريخية مختلفة، إلا ان مواجهتهم لها اليوم حملت ولأول مرة نهج الرفض الفكري والوجودي الشامل لها، والكشف على مدى جنايتها على اليمن واليمنيين.
 لقد تغيرت أصول المواجهة اليوم وبات الوعي الجمعي لليمنيين يدرك كذب وزيف وجرم هذه السلالة التي تنتهج العنصرية في فرض حكمها على الشعب.
من هنا كانت البداية في رحلة الباحث والكاتب همدان العليي في كتابه " الجريمة المركبة أصول التجويع العنصري في اليمن"، للكشف عن سلسلة الجرائم التي يباركها النسخة الحديثة من ادعياء الكهنوت الإمامي بمنهجية سلالية يتم التأصيل لها دينيا. 
لقد حاول الكاتب الإلمام الشامل بحيثيات واساليب وانواع الجرائم التي تمارسها العنصرية السلالية المتمردة عقب سيطرتها على العاصمة صنعاء وحصرها في هذا الكتاب الذي يؤرخ لمرحلة من اشد مراحل التاريخ اليمني في مواجهة الكهنة الإماميين.
لم تكن مهمة التأريخ للجرائم العنصرية فقط هي التي عززت من القيمة العلمية والمنهجية لهذا الكتاب، بل تعدتها ليصبح هذا الكتاب شاهد حي على الممارسات الاجرامية التي ترتكبها العناصر الإمامية ضد أبناء الشعب الذي يدعون حكمه، وتتبع أصول هذه الجريمة وشرح مفردات نهجها الذي تركز حول مجموعة من الأساليب القهرية التي ترقى الى جرائم ضد الإنسانية، مخلفة ما يزيد عن ربع مليون قتيل ومئات الآلاف من الجرحى، وملايين من النازحين في مخيمات الشتات في الداخل والخارج.
 وهذا الحصر لمجموعة الجرائم فرض حضوره في صفحات الكتاب التي تجاوزت ست مائة صفحة، كانت كل ورقة فيه شارحة لأكبر حالة تمييز واجرام عنصري يشهدها العالم بعد الحرب العالمية الثانية التي قضت على العنصرية النازية والفاشية والسلالية التي كان اباطرة اليابان يفرضونها على الشعب بحجة ان الامبراطور ابن الألهة، فكانت هذه الحرب خاتمة للصراعات العنصرية والسلالية في العالم.
 لتبقى العنصرية الكهنوتية في اليمن الوحيدة التي تحاول إعادة انتاج نفسها كلما سمحت لها الظروف، لتتصدر المواجهة مجددا مع الشعب والدولة، وهو ما تطرق إليه الكاتب في الفصل الأول تحت عنوان "جذور النار"، ليشكل هذا الفصل توضيحا للخلفية التاريخية التي تنطلق من خلالها سياسة التجويع الكهنوتية منذ الوهلة الأولى لمحاولة حكمها التي ابتدأت بظهور الكاهن يحيى بن الحسين الرسي وتأسيسه لأكبر عنصرية تاريخية تشهدها اليمن واطولها عمرا في التاريخ البشري.
حيث استخدم الرسي الدين لتأصيل فكره الذي يحول اليمنيين الى سادة وعبيد، له ولذريته من بعده حسب رأي الكاتب، فبموجب نظرية البطنين السياسية التي ابتدعها الرسي حصر الإماميون الحكم فيهم وفي سلالتهم وجعلوا منها مبررا لمواجهة الشعب في محاولة لفرضها بالقوة.
ويرى الكاتب ان العنصرية التي ابتدعها ودعا اليها الرسي ليست عنصرية من اجتهادات البشر الشعبوية كالنازية في أوروبا، او غيرها من الحركات العنصرية التي ظهرت في القرون السابقة، فعنصرية السلالة العلوية الفاطمية في اليمن اخطر، كونها تصطدم بأبسط قيم المواطنة المتساوية، لأنها تدعي تميز العرق واصطفاء الجينات، إضافة الى تبنيها لخطاب ديني يؤهلها حسب ما تدعيه للحكم كونها تعبر عن مشيئة الخالق في تدبير أمور العباد.
واستعرض الكاتب تحت عنوان " مقاومة الثقافة العنصرية الدخيلة"، ملامح من مقاومة اليمنيين لهذا الفكر الدخيل فقد خاض اليمنيون قرابة الثمانين معركة في مواجهة الكاهن الرسي ومحاولة فرض ادعاء امامته بالقوة، وما يزيد عن الفين حرب ومواجهة دامية بين كهنة آل البيت السلاليون وبين اليمنيين حتى اليوم. 
وتأتي الإبادة الجماعية التي تعرضت لها المطرفية كشاهد تاريخي للأجرام الكهنوتي في إرهاب هذا الشعب حيث افتى الكاهن عبدالله بن حمزة بسبي ذراريهم وقتلهم واغتيالهم بالسر والمجاهرة وعدم قبول توبة أحدا منهم، ليصل قتلى هذه الجماعة لوحدها على ايدي عبدالله بن حمزة واخيه يحيى الى المائة الف قتيل. 
ويشرح لنا الكاتب أوجه التميز العنصري الذي انتهجته هذه الفئة المدعية في اليمن وتفردها عن غيرها من ادعياء البيت العلوي في البلدان العربية بدعوى احقيتها في الحكم تلك الدعوة التي تفردوا بها وجعلوا منها مرتكزا للقتال والحرب والسلب والنهب، رافضين بدعوا تميزهم هذه الاندماج مع فئات الشعب اليمني المختلفة، بما فيها تلك الوافدة إليه من أصول غير يمنية وغير عربية بالأصل.
وتشكل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر اهم ثورة وطنية وانتفاضة شعبية واجهت طغيان الكهنوت السلالي وارهابه لتشكل فاتحة عهد جديد لليمنيين الذين وجدوا فيها التمثيل الطبيعي لحقوق الشعب وفق قوانين ودساتير ضامنه. ... يتبع

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر