أنور العنسي
أنور العنسي
(القلق) و(التغافل)!
الساعة 11:50 مساءاً

قرأت الكثير في حياتي عن القلق، خصوصاً عندما كنت أشعر بالخوف على صحتي وأمني الشخصي في مناطق الحروب والأزمات والأوبئة التي سافرت إليها خلال حياتي المهنية.
وجدت أن القلق ليس بالمطلق شعوراً سلبياً قدر ما يولِّد غالباً طاقةً إيجابية تشحذ الهمم، وتدفع للبحث عن حلول ومعالجات للأزمات التي يمر بها الإنسان، ولكن شريطة أن نعرف أنه لا يمكن التخلص من شعورنا بالقلق إلاّ بقدر من الهدوء والتفكير بعقلٍ  باردٍ وبحسابات رياضية في ما يجب أن نفعله للخلاص من الضغط النفسي الذي الذي يصنعه القلق.
في حالة الخوف على السلامة الشخصية يتعين على المرء حُسْنُ التدبير، وتجنبُ المجازفة، والأخذ بعين الاعتبار كل المخاطر وردود الأفعال المحتملة قبل القيام بأي عمل.
وفي حالة المرض لا يحتاج الشخص إلاّ إلى طبيب، وفحوصات وأدوية وراحة بال ليستجيب الجسد للعلاج.
جارةٌ في لندن تتعايش مع مرض عضال منذ أعوام طويلة لفتت إنتباهي إلى أن القلق يقتل صاحبه أكثر من المرض نفسه، وهذا ما وجدته متطابقا مع مأثورات في موروثنا العربي والإسلامي. 
يقول ابن سيناء "الوهم نصف الداء، والإطمئنان نصف الدواء، والصبر مفتاح العافية".
أما عن التغافل فهو (ثلث الحكمة) حيث يْنسب إلى الإمام أحمد ابن حنبل قوله: «تسعة أعشار العافية في التغافل عن الزلات» ثم : «بل هو العافية كلها».
ولكن ينبغي الإنتباه إلى وجود خيطٍ رفيع بين (القلق الإيجابي) الذي يحفز العقل للتفكير وبين (القلق الاكتئابي) الذي يقود إلى الاحباط والياس وحتى إلى الانتحار، وكذلك إلى الفرق بين (التغافل الذكي) الذي نحتاج إليه لإدارة حياتنا ويريح أعصابنا بشكل أفضل، وبين (التغافل الغبي ) الذي يتحول إلى نوعٍ من اللامبالاة والاستهتار بما يجب أن تكون عليه مسؤولياتنا تجاه متطلبات الحياة وتحديات الكرامة الإنسانية.
التعامل مع الشعور بالقلق وبالحاجة إلى التغافل كلاهما فنٌ وعلمٌ وتدريب وخِبرة، ولا يحتاج ذلك إلى كثيرٍ من ذكاء سوى بعض النظر والتأمل!

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
الأكثر قراءة
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر